إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
218040 مشاهدة
باب المسح على الخفين


قوله: [باب المسح على الخفين] : قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين اختلاف، وقال أحمد ليس في قلبي من المسح على الخفين شيء، فيه أربعون حديثا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: هو أفضل من الغسل لأنه -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إنما طلبوا الأفضل، وعن جرير قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بال ثم توضأ ومسح على خفيه .
قال إبراهيم كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير بعد نزول المائدة. متفق عليه .


الشرح: هذه مقدمة قبل الشروع في الأحكام جاء بها الشارح ليقرر شرعية المسح على الخفين وذلك لأنه قد روي في بعض الآثار- كما في مصنف ابن أبي شيبة وغيره- عن بعض السلف أنهم أنكروا المسح على الخفين ولعل ذلك بسبب أن أدلة هذا الحكم قد خفيت عليهم فلم يعملوا به، فهم معذورون في وذلك، لكن القول الصحيح أن المسح على الخفين ثابت بالأدلة الصحيحة، وكما يقول ابن المبارك ليس في المسح على الخفين اختلاف، وقال أيضا في بعض الروايات: إن الرجل ليسألني عن المسح فأتهمه بأنه صاحب رأي، أو صاحب بدعة
وذلك لأن الذين اشتهر عنهم إنكار المسح هم من المبتدعة، كالرافضة الذين ينكرون المسح مطلقا، ولا يعترفون به، مع أنهم يذهبون إلى مسح القدمين عند الوضوء- كما سيأتي!- فيجوزون مسح القدم عند الوضوء، ولا يجوزون مسح الخفين، ويبالغون في إنكارهم على من يمسح خفيه.
ومن الذين أنكروا المسح على الخفين- أيضا- الخوارج؟ لأنهم لا يعملون بالسنة وإنما يقتصرون على العمل بما في القرآن.
وكذلك كثير من المعتزلة وغيرهم من المبتدعة ينكرون المسح على الخفين.
ولما كان الآمر كذلك أدخل العلماء مسألة المسح على الخفين لا كتب العقائد، كما صنع الطحاوي- رحمه الله- في عقيدته المشهورة وهكذا غيره، وذلك لأن الخلاف فيها وإن كان من الفروع، فهو مع طائفة قد خالفوا في العقائد، فلأجل ذلك ذكرت هذه المسألة في كتب العقائد.
أما ما قاله الإمام أحمد من أن في المسح على الخفين أربعين حديثا، فالظاهر أنه يريد الأحاديث المشهورة والصحيحة فقط، وإلا فقد زادت أحاديث المسح على الخمسين حديثة، حتى ذكر بعضهم أنها تبلغ السبعين أو المائة، وقد تتبعها الزيلعي في (نصب الراية) وأوصلها إلى ستة وخمسين حديثا وذكر أماكنها وطرقها، وتكلم عليها، وقدم منها الأحاديث الصحيحة، وهذا يدل على أن أحاديث المسح على الخفين من قبيل الأحاديث المتواترة.
ثم ذكر المصنف- رحمه الله- حديث جرير - رضي الله عنه- وهو من أصح الأحاديث وأصرحها، وذلك لأن بعضا من الصحابة الذين خفي عليهم المسح على الخفين لما نقل إليهم هذا الحديث قالوا: إنه منسوخ بآية المائدة، أي: أن المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة، وهي قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
والصواب أن المسح على الخفين مستمر بعد نزول سورة المائدة؛ لأن جريرا - رضي الله عنه- رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح على الخفين، وهو- أي جرير- ما أسلم إلا سنة عشر أي بعد نزول سورة المائدة، فدل هذا على أن المسح على الخفين غير منسوخ بآية المائدة كما فهم ذلك البعض.
ومما يشهد لهذا قول جرير - رضي الله عنه- كما في رواية أحمد ما أسلمت إلا بعد أن أنزلت المائدة، وأنا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح بعدما أسلمت